تبقى مدينة تامودا – Tamouda the archaeological site نمودجا يعز نظيره في شمال إفريقيا بآثار مدينتيها المتعاقبتين، تمودة الأولى البونيقية الموريطانية، تعلوها تمودة الثانية المتمثلة في المعسكر الروماني المشيد على أنقاض المدينة الأولى المهدمة، على إثر ضم موريطانيا الغربية إلى الإمبراطورية الرومانية.
ولقد خلّف سكان المدينتين آثار متباينة مكنتنا من تتبع مراحل تاريخهم منذ تأسيس المدينة حوالي 200 قبل الميلاد . إلى غاية إنقراضها خلال الربع الأول من القرن 7 ميلادي . بالرغم من بعض الفجوات التي تتخلله.
لذلك أصبح استئناف أعمال التنقيب أمرا حيويا بالنسبة لهذا الموضع الذي قد ينطوي على آثار جديدة من شأنها تصحيح بعض المعلومات و تدقيق البعض الآخر ، وكذا تفسير بعض الأحداث التي لازالت تشكل لغزا للمختصين كتهديم تمودة الأولى الأول .
مدينة تامودة هي أحد المدن الأثرية الحالية الموجودة بالقرب من مدينة تطوان شمال المغرب، وهو عبارة عن أثار لمدينة رومانية قديمة يرجع تاريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وتقع هده المدينة وسط سهل خصب على بعد 5 كلم من الجهة الجنوبية الغربية لتطوان منها و بالقرب من الضفة اليمنى لوادي مرتيل.
عرفت المنطقة بهذا الاسم بعدما عثر علماء الآثار على نقيشة لاتينية تحمل اسم تمودة مباشرة بعد تدمير المدينة سنة 40 ميلادية خلال الحرب الأمازيغية الرومانية أثناء ثورة “ايديمون”. و كشفت حملات التنقيب على المستوى الحضاري الرفيع الذي تميزت به المدينة قبل الحرب، بالإضافة إلى الطابع الامازيغي المنتظم و الجودة العالية التي طبعت بناياتها المتناسقة.
تشكل هذه المنطقة أول ظاهرة تمدن لعصور ما قبل الميلاد، حيث كانت تصنف من بين أهم المراكز التجارية في البحر الأبيض المتوسط نظرا للنشاط الحضري البشري والاقتصادي المهم الذي عرفته . وتجدر الإشارة أيضا إلى أن تمودة شهدت أنشطة أخرى مختلفة، كصناعة النسيج التي تثبت وجودها بشكل غير مباشر مثقلات محترفات الحياكة التي عثر عليها خلال بعض الحفريات. وعلاوة على ذلك، كانت تمودة تستورد منتجات مصنوعة في مناطق أخرى من حوض البحر الأبيض المتوسط عبر وادي مرتيل وشاطئ المضيق كطريقين للتجارة والمبادلات.
الحفريات التي اكتشفت بالموقع أثبتت تعاقب مدينتين على موقع تمودة. مدينة امازيغية بنيت في القرن 200 قبل الميلاد ومدينة رومانية بنيت بعد تدمير المدينة سنة 40 ميلادية خلال ثورة ايديمون. المدينة الثاني هي عبارة عن حصن مربع الشكل تحيط به اسوار مبنية بالحجارة يتواجد بها عشرون برجا وتوجد بها اربعة ابواب. كما عثر بالمدينة القديمة الثانية على العديد من اثار التي تتعلق بالنقود والاواني الخزفية القديمة.
وتضم تمودة إلى يومنا هذا بقايا أثرية قديمة تجلب الزوار من مختلف أنحاء العالم، فهذه المدينة انتصبت في موقع جغرافي واستراتيجي مهم جعل منها عاملا من العوامل الرئيسية في عملية التنمية المستدامة لإقليم تطوان