قبيلة وادراس
تتواجد قبيلة وادراس – La tribu d’Ouadras بين قبيلتي أنجرة و بني يدر و على طول الطريق الوطنية رقم 2 الرابطة بين مدينتي طنجة و تطوان حيث تمتد على مساحة 266 كيلومتر مربع و بتعداد سكاني يقارب 22500 نسمة .
تتشكل قبيلة وادراس من ثلاث جماعات قروية إثنتان منها تابعة لإقليم تطوان و هما جماعة السبت لقديم و جماعة عين لحصن ، إلى جانب جماعة جوامعة التي تعتبر تابعة لإقليم الفحص أنجرة . ومن اشهر مراكزها نجد مركز عين لحصن؛ فندق عن جديدة؛ حكامة؛ السوق القديم ثم اسبيرادا…
وتعود تسمية وادراس المكون من كلمتين الأولى “واد” ويقصد به الواد الذي ينبع من جبل سيدي داود وعين أبوعمار قرب مركز فندَق عين جديدة، ويمر أسفل مركز عين لحصن ليحمل إسم واد “السلة” قبل أن يتحول إسمه إلى واد “أجراس” بعد عبوره قنطرة لسناد وإقترابه من مركز اسبيرادا، وهو الواد الذي بني عليه سد اسبيرادا الصغير (أجراس).
أما الكلمة الثانية وهي “راس”، فاختلفت التفسيرات بشأنها إلاَّ أننا تبنينا تفسيرا محليا يقول أن كلمة “راس” ما هي إلا تحريف لكلمة أجراس أو أكراز، وأكراز هو نبات يوجد بكثرة على ضفاف الواد الذي ذكرناه أعلاه. ليكون إسم “واد راس” تحريف لإسم “واد أجراس” والله أعلم.
تضاريس وادراس :
وادراس هو ذلك الجبل المنيع الذي ينتصب شامخا بين تطوان وطنجة، يُعْرف بكَثْرة عيونه التي تتدفق من بين صخور الحجر الرملي وتغذي القرى والبساتين المنتشرة على سفوحه.
تتشكل أغلب تضاريس قبيلة وادراس من جبال حثية يصل فيها أقصى إرتفاع إلى مايقارب 700 متر عند قمة كدية بني مغرات بجبل الحية، وإلى 678 متر عند قمة جبل سيدي داود، ثم 627 متر بجبل المخالد.
تقسم هذه الكتلة الجبلية القبيلة إلى قسمين جغرافيين؛ الاول شرقي متوسطي وتمثله منابع واد أجراس وواد بوحرقوص وعين قصاب التي تُشكل منابع واد مارتين وتنتمي في أغلبها للجماعة الترابية السوق القديم ، أما القسم الثاني أطلنتي تنحدر تضاريسه نحو الغرب في إتجاه واد السانية وسد إبن بطوطة وكلها أراضي تابعة للجماعة الترابية جوامعة.
كانت تكسوا جبال وادراس غابة كثيفة من أشجار البلوط الفليني والبلوط الزغبي والزان، لم يتبقى منها سوى مساحات صغيرة بجبل الحية عين لحصن وسيدي داود مختلطة مع غابات الصنوبر والعرعار وبعض النباتات والاحراش الثانوية.
وفي وَصف لرِحلته من طنجة إلى تطوان خلال صيف 1883م، أشار شارل دو فوكو لبعض ملامح الطبيعة في منطقة عين لحصن، والتي قد تعطينا صورة واضحة للمناخ الذي كان يسود مدينة تطوان في تلك الفترة .
حيث قال : “أثار إنتباهي أمران، خاصة خلال هذا اليوم من السفر أولهما الماء الطري والجاري ، رغم كون الفصل فصل صيف ، الذي يخرج من عدد وافر من العيون والجداول والأنهار الصغيرة ، التي صادفتها. والثاني كثافة الغطاء النباتي وعشب أخضر يانع ، بل حتى البقع التي تنتشر فيها الصخور مخضرة، إذ تخرج النباتات من بين الصخور وتكسوها خضرة” .
هذا ما أكده أوجست مولييراس أيضا عند حديثه عن قبيلة وادراس وبني مصور في أواخر القرن التاسع عشر حيث وصف طقس هذه المنطقة ببرودته، بحيث تظل الثلوج متواجدة بجبالها إلى أن يحل فصل الربيع.
مازالت الطبيعة بوادراس تحافظ على بعض ملامحها الرطبة ولو على نطاق صغير في أعالي الجبال وبين بعض الأنهار ، إلا أن الشيئ المؤكد من كل هذه الشهادات هو التغير الكبير في مناخ منطقة تطوان والريف الغربي عموما في مدة لا تتعدى 150 سنة.
ديموغرافيا وادراس :
“يسكن قبيلة وادراس قوم من ذوي الجرأة البالغة وقد قدَّموا على إقدامهم وجرأتهم براهين ساطعة في أثناء الحروب التي وقعت بين ملوك غرناطة وملوك إسبانية. فمن عادة هاؤلاء الجبليين الذهاب إلى غرناطة متطوعين وهم على قلتهم يعدلون من حيث القيمة جميع الجنود النظاميين لهؤلاء الملوك”.
كان هذا مقتطف من الفقرة التي تتحدث عن قبيلة وادراس في كتاب وصف إفريقيا لإبن الوزان.
وصل عدد سكان قبيلة وادراس حاليا ما يقارب 23 ألف نسمة، موزعة على ثلاث جماعات وهي عين لحصن السبت القديم واجوامعة، كما تتكون هذه القبيلة من خمس فخذات وهي ربع البكارة، ربع بومطاش، ربع عين لحصن، الربع الوسطي ثم ربع عين قصاب.
إن العنصر البشري المكون لقبيلة وادراس مشابه لما ذكرناه حول قبيلة أنجرة، فقد إستقبلت هذه القبيلة بدورها هجرات عديدة قادمة من الأندلس، كما كانت سابقا جزء من القبيلة الأم مجكسة الغمارية المصمودية.
تتميز قبيلة وادراس بإحتواء مرتفعاتها على أحد أكبر حقول الطاقة الريحية في المغرب ” حقل الطريس” الممتد من جبل “الحية” بالقرب من عين لحصن مرورا “بحافة الغابري” إلى غاية جبل المخالد . كما تم مؤخرا إنشاء منطقة صناعية بجماعة السبت القديم، ممهدة لأساس صناعي مستقبلي بالمنطقة و الذي هو الإمتداد الطبيعي للميناء المتوسطي و المنطقة الصناعية لملوسة .
تعتبر قبيلة وادراس من أكثر القبائل إنتاجا لبعض المنتوجات الفلاحية كالتين ، التين الشوكي ، و البصل . إضافة لإحتواء المنطقة على مقالع إستخراج صفائح الحجر الرملي بكل ألوانه و الذي يستخدم في ترصيف شوارع مدينة تطوان و بناء و تزيين المنازل و الجدران الخارجية .
تاريخيا لا يخفى على الجميع دور الودراسيين في حرب تطوان الأولى و المعرك الشهيرة معركة وادراس 1860 على واد بوصفيحة، كما إشتهرت القبيلة بحرب العصابات التي شنتها على المستعمر الإسباني خلال للإستعمار الثاني .
المسارات الطبيعية بوادراس
من المسارات السياحية الجبلية المميزة بقبيلة وادراس نجد مسارات المجال الطبيعي لجبل الحية، الذي ينتمي في معظم أجزائه للجماعة الترابية عين لحصن الموجودة على بعد 13 كيلومتر غرب مدينة تطوان.
المسار الأول: 15 كيلومتر
الإنطلاقة من مركز فندق عن جديدة على الطريق الوطنية رقم 2 ثم تسلق جبل غدير الحاج وصولا إلى قمة سيدي الغابري، والنزول وسط غابة الراندا نحو قرية تارش وزيانش.
هذا المسار رغم طوله فهو مسار غابوي بإمتياز يمر بين أشجار الصنوبر والبلوط، ويتيح لك التعرف على بعض أطلال الفترة الإستعمارية بالمنطقة تسمى محليا (كوارتيلش)، كما يمكنك من التمتع بنظرة بانورامية لمدينة طنجة وساحلها الأطلسي، والإستمتاع بمنابع المياه عند قرية تارش وزيانش وأخيرا الوصول لمركز السوق القديم.
المسار الثاني: 10 كيلومترات
إنطلاقته من مركز عين لحصن نحو قرية لسناد مرورا بغابتها الجميلة وسفوح جبل الطلاية الرطبة وصولا لعين بلحسن قرب غابة المبيت، من هذه النقطة تبدأ التضاريس بالصعوبة نحو قمة بني مغرات حيث توجد البحيرة الموسمية المعروفة بالضاية والمخفية بين أدغال وغابات كثيفة عند القمة، ومن هناك يمكنك التمتع بمناظر غاية في الجمال حيث تظهر مدينة طنجة غربا وتطوان شرقا وبينهما تضاريس الريف الغربي الجميلة.
النزول يكون في إتجاه الشرق نحو قرية عين الرنضة والمرور بمنبع مائها الشهير “الشريور”، قبل الوصول لمركز إسبيرادا بعد إجتياز المنبسط الجبلي ظهر سيدي حمزة.
إعداد: توفيق بريطال - صفحة Tetouan Geo المراجع - كتاب وصف إفريقيا لإبن الوزان (ليون الإفريقي) ترجمة د عبد الرحمان حميدة، صفحة 325. - منوغرافيا الجماعات الترابية المكونة للقبيلة 2010.
اترك تعليقك