fbpx

سقايات مدينة تطوان – القْنا

يبلغ عدد سقايات المدينة العتيقة بتطوان إجمالا 44 قناة موزعة على أهم أزقة وفضاءات المدينة، وهي سقايات عمومية، المعروفة محليا باسم “الأقنية”، وكان لها  دور أساسي في تدبير استعمال الماء الآتي من منابع جبل درسة وعيون أخرى قريبة، وترشيد استعماله لتلبية حاجات السكان والحرفيين والزوار من الماء. كما أن بعض الأسر التطوانية الميسورة كانت تصرف فائض المياه بشبكة السكوندو في “الأقنية” المجاورة وجعله رهن إشارة الجيران. لم يكن بناء الأَقنية محض صدفة، بل كان وفق نمط وظيفي وعمراني مضبوط، يتجلى أساسا في توزيعها على مختلف أحياء المدينة العتيقة، حيث تتواجد أساسا قرب الزوايا والأحياء التجارية والحرفية (سوق الحوت، الصياغين، الخرازين) وقرب الأبواب الرئيسية للمدينة (باب العقلة وباب الصعيدة وباب التوت والباب السفلي) بغرض توفير الماء للعابرين والزائرين الوافدين على المدينة لقضاء أغراضهم، ويستثنى من ذلك “الأقنية” التي بنتها وحبستها العائلات، وبعضها ذات خصائص جمالية جلية. تنقسم الأقنية إلى نوعين من حيث خصائصها المعمارية، إذ تتميز السقايات الموجودة داخل المنازل أو في مواقع استراتيجية بجماليتها وزخرفتها بالزليج التطواني الأصيل، بينما السقايات الموجودة بالأزقة والأسواق كانت مطلية بالجير فقط. من أشهر سقايات تطوان:
  • قنا باب العقلة: وهي تتميز بحمولة تاريخية حيث بُنيت إبان فترة حكم القائد محمد بن عمر لوقش في منتصف القرن الثامن عشر وتحديدا ما بين سنتي 1751 و 1758، وتتسم بجماليتها المتوافقة مع هندسة المدينة ونسيجها العمراني العام، عدا تواجدها في موقع استراتيجي بالمدخل الرئيسي للمدينة العتيقة قديما.
  • قنا السلوقية
  • قنا زاوية سيدي الصعيدي
  • قنا سوق الحوت القديم: المجاور لجامع القصبة العتيق،
  • القنا الذي حبسته عائلة اللبادي بالصياغين
  • قنا سيدي الناجي
  • قنا حومة العيون
  • قنا الزاوية الفاسية
  • قنا باب التوت
  • قنا المعدة : بحي الترانكات.
سقاية باب العقلة بتطوان مياه بعض هذه السقايات كانت تتجاوز أسوار المدينة العتيقة لتروي الأراضي الفلاحية المجاورة، لاسيما الأقنية المتواجدة بالقرب من أبواب وأسوار المدينة، كما هو شأن أقنية زنقة : الشريشار، بالقرب من ضريح الولي الصالح سيدي الصعيدي. وبالرغم من أن صبيب بعض الأقنية كان ضعيفا وغير منتظم كما يدل على ذلك اسم الحي، إلا أن فائض المياه كان يوجه لري الأراضي عوض إهداره، وبالتالي الحفاظ على الموارد المائية وترشيد استغلالها. وبيئيا، شكلت “الأقنية” مصدر مياه للطيور والحيوانات الأليفة لإرواء العطش، حيث حرص سكان تطوان على تجهيزها بأحواض أو أوعية خاصة لشرب الحيوانات، وعيا منهم بدورها في القضاء على الحشرات والقوارض الناقلة للأمراض والحفاظ على التوازن البيئي بالمدينة العتيقة. وأكد الباحث بوعبيد بوزيد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن عداد من  الأقنية اندثرت ولم يعد لها وجود، بينما تضرر البعض الأخر وأتلفت صهاريجها وصنابيرها النحاسية ما أثر سلبا على جماليتها ووظيفتها.

شبكة السكوندو :

إن أهل مدينة تطوان، كانوا متمتعين بالمياه الجارية والراكدة، تمتعا كبيرا يقاربون به تمتع أهل فاس بوادي جواهرهم وعيونهم” فالمدينة القديمة زاخرة بالعيون المائية التي تجري في قنوات فخارية وضعت لهذه الغاية لتصل إلى المساجد والبيوت القديمة، وهذه المياه ثقيلة في الجملة وإن كانت عذبة صافية، وكانت تسمى بماء السكوندو ولعل هذا الاسم أطلق عليها بعد “الحماية” الإسبانية لأن كلمة “سكوندو” بالإسبانية يراد بها الثاني فعرف هذا الماء بالماء الثاني بعد عثور الإسبانيين على عيون أخرى في ضاحية سيدي طلحة نسبة إلى الشيخ الصالح أبي يعلى سيدي طلحة الدريج”.

وللأستاذة اللوه رأي آخر في ماء سكوندو إذ تقول: “ومن المعالم الباقية إلى اليوم، شبكة توزيع الماء بالمدينة والمسمى ماء سكوندو، وهذه الكلمة تحريف لكلمة Segundo الإسبانية، وهو اسم عائلة أندلسية موريسكية نزحت إلى تطوان…”

وأحسن ما في هذا الماء هو نظام توزيعه.. ومنبعه يوجد في جبل درسة، وقد نقل إلى المدينة عبر قناة ضخمة تم إيصالها إلى المنطقة التي توجد فيها زنقة القائد أحمد، ومن هناك تم توزيع الماء توزيعا مدهشا على المدينة، وقد تمت مقارنة نظام توزيع ماء سكوندو مع نظام توزيع الماء ببلنسية فظهر أنه نظام واحد وبهندسة واحدة… وفي كل دار بتطوان كان يوجد نبع متدفق بماء سكوندو.

حاليا أُبطل استعمال هذا الماء لأسباب.. والذي يهمنا هنا هو ذلك النظام المدهش لعملية توزيع الماء الذي أخذ اسمه من مخططه ومهندسه سكوندو  Segundo.

ومن أهم مكونات هذه الشبكة المائية نجد:
الخزان والصندوق: تشير لفظة “الخزان” إلى عملية تجميع المياه قبل توزيعها، وينطبق هذا اللفظ على منشآت تتصل مباشرة بالمنبع المائي، وهوعبارة عن مكان محكم البناء، له باب تنفتح على الزقاق أو مرفق عمومي يتوسطه صهريج ماء صغير يسمى بـ”الصندوق”، وهو مزود بمشارب تطابق عدد قسمات المستفيدين.
المعدة: وتعني آنية مستطرقة في الغالب ولا تصدأ، ونميز فيها بين ثلاثة أنواع:
– معدة القسمة: حيث يتم من خلالها توزيع الماء إلى القنوات الفرعية بعد التأكد من صلاحيته وجودته.
– معدة كأس عدل: وتعني ذلك المكان الذي تجمع فيه مياه الفيض الآتية مما يعرف بالعقدة.
– معدة الفيض: هي أشبه ما تكون يجب شبه سطحي تقع عادة في مستوى أقل من الذي توجد فيه القناة، وتسمى أيضا بمعدة المياه الجارية، ذلك أن لها مخرج أو مفجر للمياه في مستوى قعرها يسمح بصرف المياه خارجها وبالتالي خارج القناة المتصلة بها.
وتنقسم المعدة كذلك من حيث تركيبها إلى ثلاثة أنواع:
** المعدة البسيطة: تحتوي على “عتلة واحدة”، ما يسمى أحيانا بالمشرب.
** المعدة المركبة: وتتوفر على عتلتين.
** كراع الفلوس: عبارة عن معدة قسمة رئيسية، تنتهي عندها قناة رئيسية، وتتفرع عنها مجموعة من القنوات الثانوية التي تتصل بالمعدات البسيطة والمركبة.
الطالع والمشرب: عبارة عن قناة من الفخار أو أكثر، توضع وسط المعدة بشكل عمودي، تتصل بأسفلها مباشرة بقناة المياه، وبأعلاها ثقب يسمح بنزول هذه المعدة، ويعرف المشرب الذي يزود المحل بـ (الداخل)، أما الذي يصرف المياه نحو وحدات استهلاكية أخرى يسمى بـ (الخارج).
القنــا: يقصد به المكان أو النقطة المائية المعدة والمهيأة للاستعمال من طرف العامة، ويقابلها من حيث وظيفتها ما يعرف بالحنفية أو السقايات العمومية.
المراجع :
- مقتبس من مقال عبد العزيز حيون mapecology.ma 
- أحمد الرهوني: مرجع سابق ص 197-198
- محمد العربي الشاوش: إشارات حول الإشعاع الفكري والحضاري لمدينة تطوان، مجلة دعوة الحق، ع227 مارس 1983 ص 221.
- أمينة اللوة: صور من تطوان الغرناطية، مجلة الأكاديمية ع15 ص 225.
- الرامي (خالد)، 2008، "النظام الأصيل لتوزيع الماء بمدينة تطوان (1862- 1913)، دراسة في العمارة الإسلامية"، منشورات جمعية تطاون أسمير، تطوان، ص: 226.
- العبد لاوي (محمد)، 2002، مرجع سبق ذكره، ص: 71- 72.
اترك تعليقك
تعليق
اسم
بريد إلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.