يتواجد برج مرتيل – Torre de Martil على الضفة اليسرى لمصب واد مرتيل بمدينة مرتيل شمال المغرب ، و يرجح تاريخ بنائه إلى عهد السلطان مولاي إسماعيل سنة 1132 هجرية موافق 1720 ميلادية على يد جدي القائد الشريف أبو العباس أحمد بن علي الباشا الريفي، وهو برج وإن كان الزمن قد ترك أثره عليه ٬ إلا أنه ما يزال شامخا يحكي عن فترات مهمة من تاريخ المغرب ومرحلة الجهاد ضد الغزاة من الأروبيين بعد سقوط الأندلس ومراقبة سواحل تطوان والقيام بدور المنذر المبكر عند بروز المخاطر ولقد لعب برج مرتين دورا مهما في التاريخ الجهادي للقادة الريفيين وعلى رأسهم باشا طنجة أحمد الريفي قائد منطقة الشمال.
وبفعل برج مرتين بموقعه المتميز على ساحل البحر المتوسط و تموضعه على الضفة اليسرى لواد مرتين، هذا الموقع الاستراتيجي هو الذي دفع ملك البرتغال مانويل الأول MANUEL I يفكر سنة 1520م في بناء برج بمصب وادي مرتين نظرا لاستفحال أمر الجهاد البحري ضد السفن الاسبانية و البرتغالية انطلاقا من قاعدة مرتين الجهادية إلا أن هذا المشروع الاستعماري لم يكتب له النجاح نظرا لتمركز قواعد الريفيين المغاربة الأحرار كانت معنوياتهم عالية وأرواحهم جهادية وكانوا يراقبون السواحل المغربية على طول الساحل المتوسط.
كانوا الريفيين البحارة يتمعون بالشجاعة والصبر ومقارعة الغزاة ؛ و في إطار هذا الصراع مع القوى المسيحية الإستثمارية التي كانت تتقمص الفرص لاحتلال المزيد من الثغور المغربية ضرب الملك المغربي القوي وكل المولى اسماعيل سلطان المغرب القادة الريفيين وعلى رأسهم قائد مجمل الشمال علي بن عبدالله الريفي الحمامي وفرض على مدينة سبتة المحتلة ابتداء من سنة 1694 ودام الحصار 33 سنة٬ وبالمهارة العسكرية للباشا الريفي الثائر تم تضييق الخناق على الاسبان و صد الهجومات الخارجية على مدينة تطوان و مراقبة ساحلها.
قام القائد الشريف أحمد بن الباشا الريفي سنة 1719 ببناء برج على الضفة اليسرى لمصب واد مرتين و يتضح هذا الدور الدفاعي و الجهادي لبرج مرتين من خلال ما ذكره المرحوم محمد داوود في كتابه تاريخ تطوان حيث يقول « في هذا اليوم قام الجنرال رئيس أركان الحرب بجولة استطلاعية فوق إحدى البواخر حول الشواطئ المغربية فلما وصل لشاطئ مرتيل أمام تطوان أطلق الريفيين الابطال من على برج مرتين نيران مدافعه على تلك الباخرة وقد تعرض هذا البرج للهدم على يد إحدى المراكب العسكرية الفرنسية التي قامت بقصفه بشكل عنيف «…و هدم برج مرتين وأستشهد فيه رجل من أبطال الريف و جرح ستة أخرون، و كانت جدران المدينة تهتز من صوت مدافعهم… ».
و قد تمت إعادة بناء هذا البرج و لا زال برج مرتين قائما إلى يومنا هذا كمعلمة تاريخية شامخة تشهد على علوا همة الباشا الثائر بطل التحرير أبو العباس أحمد بن علي الريفي صاحب التاريخ العريق والجهاد الطويل.
مراجع:
- كتاب الإستقصا في أخبار المغرب الأقصى للشيخ أبو العباس أحمد بن خالد الناصري الجزء السابع .
- كتاب تاريخ تطوان للفقيه العلامة محمد داوود .