fbpx
خريطة مدينة تطوان العتيقة

مدينة تطوان العتيقة

سجلت مدينة تطوان العتيقة في سنة 1997 ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، وتبلغ مساحة مدينة تطوان العتيقة أو كما يسميها التطوانين بالمدينة القديمة، حوالي 53 هكتار و يحيط بها سور طوله 5 كيلومترات بإرتفاع يتراوح بين 5 و 7 أمتار و عرض يصل إلى 1.20 متر . حيث يتخلل هذا السور 7 أبواب تصل المدينة بالطرق الرئيسية و المناطق الحيوية خارج الأسوار. وشهد الشكل العمراني للمدينة الذي نشاهده الآن تطورا تدريجيا إبتداءا من سنة 1148 ميلادية إلى حدود سنة 1808 ميلادية تاريخ بناء آخر أحياء المدينة بالملاح .

شهدت المرحلة الأولى و التي إمتدت بين سنتي 1148 و 1493 ميلادية تشيد مجموعة من الأحياء أهمها أحياء الغرسة الكبيرة ، السوق الفوقي ، المطامر و سوق الحوت ، التي كانت أولى أحياء مدينة تطوان العتيقة .

المرحلة الثانية خلال القرن السادس عشر ميلادي و في ظل التزايد السكاني و الهجرة نحو المدينة تم إنشاء أحياء جديدة كالسويقة ، الطلعة ، الطرانكات و الوطية ، ثم خلال القرن السابع عشر ثم بناء أحياء العيون ، باب النوادر ، القلعة و باب الصعيدة . ليكتمل بناء المدينة بإنشاء حي الملاح خلال القرن الثامن عشر ميلادي .

إستغرق بناء مدينة تطوان العتيقة و توسعتها حوالي 600 سنة ، شهدت مجموعة من الظروف السياسية و الإقتصادية كان أبرزها سقوط الأندلس في أواخر القرن الخامس عشر .

ويرد الخبراء عن سبب إختيار موقع بناء مدينة تطوان ، هل هو إختيار منطقي مبني على عوامل محددة ، أم أنه إختيار جاء عن طريق الصدفة ! ويردون بأن سبب إختيار الموضع الحالي لمدينة تطوان العتيقة النواة الأولى التي إنبثقت منها و توسعت باقي أحياء المدينة يعود لثلاث محددات رئيسية و هي :

– موقع إستراتيجي دفاعي : حيث أختير للمدينة مكان فوق ربوة ترتفع عن السهل بحوالي 100 متر ، و تبعد عن الساحل بأزيد من 7 كيلومتر ، مما يجعلها بعيدة عن مرمى مدافع سفن الإسبان و البرتغاليين ، الذين تميزو بأسطولهم البحري خلال تلك الفترة.
– أساس صلب و متين : كما أختير جدار “الترافرتين” و هو نوع من الصخور الكلسية الكربوناتية الصلبة ، التي إستعملت كوتد و أساس صلب متين و مستقر لمدينة تطوان ، عوض إختيار الجانب المقابل من جبل غرغيز لعدم إستقرار تربته و تعرضها للإنجراف ، في حين تم تفادي السهل لتعرضه للفيضانات .

– مصدر المياه : حيث يعتبر جبل درسة خزان مهم للمياه الجوفية ، التي تتدفق عبر عيون مياه عذبة متسلسلة أفقيا من خلال نقط التماس بين الصخور الكلسية و باقي البنيات الجيولوجية أسفلها .

لذلك فيمكن الجزم أن إختيار موقع مدينة تطوان كان إختيارا صائبا إلى حد بعيد ، مما جعلها بعيدة عن الفيضانات ؛ أساسها مقاوم للزلازل و إنجرافات التربة و محصنة يصعب غزوها

خريطة مدينة تطوان العتيقة
خريطة مدينة تطوان العتيقة

الأبواب السبعة لمدينة تطوان العتيقة

من المعلوم أن مدينة تطوان القديمة بنيت على فترات مختلفة من الزمن حسب الإحتياج والدواعي، إلى أن أُحيطت جميع حوماتها في القرن 18م، بالاسوار التي جعلت فيها سبعة أبواب ولم يكن من الممكن الدخول إلى المدينة أو مغادرتها إلا من تلك الأبواب السبعة ، وإستمر الحال على ما هو عليه إلى حدود دخول الإحتلال الإسباني الأخير عام 1913م. وأبواب تطوان السبعة هي :

1 – باب العقلة :

وهو الباب الواقع في الربض الأسفل المشرف على البحر الأبيض المتوسط، يعود بنائه لبداية القرن 16 وتقع غرب أسوار المدينة العتيقة، ويرجح سبب تسميتها لأحد الإحتمالين: الأول كون عقالاء القوم كان يجتمعون عندها ، و الثاني راجع أن بخارجها مكان يعقل فيه البهائم قبل الدخول للمدينة . وقد استبدل المستعمر الاسباني أسماء الأبواب من العربية إلى أسماء اسبانية ،فسمي ب ” puerta de reina” أي “باب الملكة” تكريما لإليزابيت في إنجاح حملتها الصليبية بالمغرب.

2 – باب الصعيدة :

يعود بناؤها للقرن 16، سميت بهذا الاسم نسبة لضريح سيدي الصعيدي القادم من صعيد مصر، الذي يقع ضريحه على بعد أمتار من الباب، وتقع الباب غرب أسوار المدينة العتيقة. و قد سماها الإسبان إبان الاستعمار ب “puerta de sanfernand ” أي باب “سان فرناندو” تذكارا لعمله في استرجاع مدينة اشبيلية .

3 – باب الجياف :

تقع شمال أسوار المدينة العتيقة، و يعود بناؤها للقرن 16، و يشاع أن سبب تسميتها راجع لكون الجنائز الطائفة اليهودية بالمدينة كانت تمر منها صوب المقبرة اليهودية،  كما أن أهالي تطوان كانت تعتقد أن اليهودي يجيف عند موته، كما أطلق عليها الإسبان اسم “puerta de alfonso” نسبة للملك الفونسو الذي طرد المسلمين من الأندلس رفقة الملكة ازابيلا ويلقب بالبوينو أي الطيب.

4 – باب المقابر :

باب المقابر تطوان - Bab el Mkabar Tetouan
باب المقابر تطوان

وهو الباب الشمالي نحو مدينة سبتة، و تقع شمال المدينة العتيقة، من أقدم أبواب المدينة، يعود بناؤه لمنتصف القرن 16، سميت بهذا الاسم لأنها تطل على المقبرة الإسلامية بتطوان، كما تسمى بباب “سيدى المنظري” القائد الغرناطي لوقوعها قرب مدفنه. وقد أطلق عليها المستعمر الاسباني اسم “باب النصر” “puerta de la Victoria” لأنه دخل منها مستعمرا المدينة في حرب تطوان سنة 1860. وهو أيضا معروف بباب سبتة باعتباره على الطريق المؤدية لمدينة سبتة.

5 – باب النوادر :

باب نوادر تطوان
باب نوادر تطوان

تقع غرب الحصن المحيط بالمدينة العتيقة، و يعود بناؤها للقرن 16، بعد التطور العمراني الذي عرفه حي العيون ووصول أعداد هائلة من المورسكيين في النصف الاول من القرن 17. وسُمي الباب بهذا الاسم لأنه كانت تقام خارج هذا الباب عملية الحصاد حيث يوضع مايحصد من الزرع على شكل نوادر لدرس القمح.  و أطلق عليها الإسبان اسم باب فاس “puerta de fez”. سمي بهذا الاسم عند الاسبان لتموقعه على الطريق القديمة لمدينة فاس .

6 – باب التوت :

الباب القديمة يعود تاريخ بناؤها للقرن 16 ميلادي، أما الباب الجديدة انشات أوائل القرن 19 عشر، و سبب تسميتها راجع لأشجار التوت التي كانت متواجدة خارجها، وتقع غرب المدينة العتيقة على الواجهة الجنوبية، سنة 1913 هدمها الاسبان و سماها الإسبان أيضا ب “puerta de cid” تيمنا بأحد الفرسان الملقب بالسيد الذي يضرب به المثل عند الاسبان في الحروب . و معروفة أيضا باسم باب طنجة لانها كانت على الطريق المؤدية إلى مدينة طنجة.

7 – باب الرموز :

يعود بنائها لبداية القرن 16 بعد أن بنيت على أرض تملكها أسرة الرموز الأندلسية القادمة من الأندلس. و تقع جنوب السور المحيط بالمدينة العتيقة، أما المستعمر الإسباني سماها باب الملوك الكاثوليكيين ” puerta de los reyes catolicos ” نسبة إلى ملوك غرناطة فرناندو وإيزابيلا الأولى.

الأبواب السبعة لمدينة تطوان العتيقة

الأبواب الأصلية لتطوان :

إِنَّ البِناء الأوَّل لمَدينَة تِطْوان كَانَ عام 888 هـ، على شَكل مربع مُحَاطَة بأسْوار عَالِية وَلَها ثَلاثة أبْوَاب فقَط ، حَسَب رِواية السكيرج التي ذكرها الفقيه محمد داود في الجزء الاول من كتابه مختصر تاريخ تطوان .

الصورة من سوق الحوت القديم حيث يظهر سور وأبراج مدينة تطوان الأصلية قبل التوسيع الأول
الصورة من سوق الحوت القديم حيث يظهر سور وأبراج مدينة تطوان الأصلية قبل التوسيع الأول

هذا السور بقي منه فقط الجزء الذي يُطِل على سوق الحوت القديم بين الساقية الفوقية والغرسة الكبيرة ، (الصورة أعلاه) ، اما باقي الأسوار فقد زالت عندما وقع توسيع المدينة الاولى ، فقد وصف سيدي العربي الفاسي تطوان في أول أمرها أنها بلد مربع وقصبتها في ركنها الجنوبي الغربي ، لها ثلاثة أبواب ومحاطة بسور أول وسور ثاني دارت به الحفائر.

أما الأبواب الثلاث فلم يذكر سيدي العربي الفاسي موضعها، إلا أن الفقيه محمد داود ذكر حسب نظرته الشخصية أن أحد الأبواب كان في القوس المتصل بفندق النجار جنب الزاوية الناصرية، و الثاني في القوس الواقع في آخر الشارع الذاهب من الجامع الكبير إلى زاوية سيدي الصعيدي الذي على رأس العقبة الصاعدة من جهة سيدي الصعيدي.

أما الباب الثالث فرجح أن يكون إما في القوس الواقع بين شارع الصياغين والخرازين، وإما في قوس السفاجين الواقع قرب جامع القصبة بين الوسعة والغرسة الكبيرة .

التشوير الطرقي بالمدينة :

تتميز هندسة الأزقة بمدينة تطوان العتيقة بخصوصية التشوير بالبلاط الأرضي ، أي إستعمال تصميم معين للأحجار التي رصفت بها الأزقة قصد تسهيل السير و التجوال بالمدينة ، حسب الترتيب التالي :
تلاث خطوط متوازية في المنتصف و على طول الزقاق ، تعني أنك تسير في شارع رئيسي تتفرع منه أزقة ثانوية و يوصلك لأحد أبواب المدينة السبعة، أي باب العقلة، وباب الصعيدة، والباب السفلي، وباب الرواح، وباب النوادر، وباب التوت، وباب الرموز.
خطين على طول الزقاق يعني أنك في طريق مزدوج يمكن أن يوصلك لأزقة أخرى .
خط واحد في منتصف الزقاق يعني أنك في طريق محدود و يصل إلى أحد المنازل أو مكان مغلق .
يمكنكم ملاحظة هذه الخطوط بوضوح الآن عند تجولكم بالمدينة العتيقة لتطوان

الصورة من زنقة القائد أحمد بالمدينة العتيقة لتطوان، حيث نلاحظ تواجد خطين من الحجارة المتوازية في المنتصف.
الصورة من زنقة القائد أحمد بالمدينة العتيقة لتطوان، حيث نلاحظ تواجد خطين من الحجارة المتوازية في المنتصف.

و قد انطلق في تطوان العمل بالتشوير السياحي الرقمي وباللوحات التفسيرية، كمبادرة عملية ومبتكرة لتعزيز الجاذبية السياحية للمدينة العتيقة وتأهيلها تأهيلا شموليا.

ويقدم التشوير الرقمي معطيات شاملة ومرتبة حول الساحات والفضاءات والبنايات والمساجد والبيع والمدارس والزوايا والمتاحف وغيرها من البنايات المرجعية في النسيج العمراني العتيق لتطوان الواقعة بين جبلي درسة وغرغيز.

جرى تجديد هندسة تشوير أزقة المدينة العتيقة بالبلاط الأرضي باستعمال أحجار خاصة، تشبه ما رُصفت به هذه الأزقة في الماضي، لتسهيل الجولان وزيارة المدينة العتيقة بالنسبة للسياح والزوار، ولسكان الأحياء الأخرى من المدينة.

نظام السْكوندو بتطوان :

السكوندو أو ماء الله هو نظام مائي تميز بسريته التامة حتى لا يعبث به المتطفلون و الأعداء، و هذا ما جعل السكان يطلقون عليه إسم السكوندو نسبة لمصطلح “سكونديدو” بالإسبانية أي المخفي، عكس الشائع أن اسم السكوندو مرتبط بفترة الحماية لما ظهرت شبكة التوزيع العصرية فبقيت السِكوندو كشبكة ثانوية !!

السكوندو نظام عبقري اعتمدته تطاون منذ 400 سنة ،و هو نظام يقوم على استغلال حكيم للماء القادم من الفرشة المائية لجبل درسة ،عبر تخزينه في خزان كبير يسمى الصندوق ، حيث تستفيد البيوت التطوانية من مياه الصندوق عبر قنوات خزفية كبرى ثم ما يسمى الطوالع المتصلة بالبيوت من خلال ما يسميه التطوانيون المعدة.

تنقسم المعدات من حيث الوظيفة إلى : معدة القسمة التي تقسم المياه الدروب و المساجد و مجموع المستفيدين… ، و كاس عدل تكون في المنازل الصغيرة و المتوسطة، ثم معدة الفيض تكون في الرياضات و المساجد و توزع الماء الى بيت آخر أو إلى سقاية الحي.

شبكة السكوندو بتطوان
خريطة شبكة السكوندو بتطوان

أبراج تطوان

تتوزع أغلب الأبراج في الجزء الجنوبي من المدينة وهي 12 برجا، حيث كان لها دور مهم في الحراسة و المراقبة ، وتختلف هذه الأبراج حسب الأهمية و الموقع :

  • برج القصبة : قرب قصبة جبل درسة
الصورة لبرج القصبة شمال المدينة العتيقة لتطوان
الصورة لبرج القصبة شمال المدينة العتيقة لتطوان

برج الكحيلي : قرب باب الجياف

لصورة لبرج الكحيلي أكبر أبراج المدينة العتيقة لتطوان
الصورة لبرج الكحيلي أكبر أبراج المدينة العتيقة لتطوان بعدسة Moura Chamalii
  • برج السقالة : باب العقلة
برج السقالة عند باب العقلة تطوان
برج السقالة عند باب العقلة تطوان

تم بناء هذا البرج حوالي سنة 1830 في عهد السلطان مولاي عبد الرحمان كما تؤرخ لذلك النقيشة الموجودة فوق بابه الرئيسي ونصها كالتالي: “بسم الله الرحمان الرحيم النصر والتمكين والفتح المبين لمولانا أمير المؤمنين. بني هذا البرج المبارك على يد خديمه وولي نعمته محمد أشعاش سنة 1246هـ”.

برج لالة فريجة : العوينة
برج قاع الحافة : قرب باب الرموز
برج سيدي عبيس : رياض العشاق

برج سيدي عبيس تطوان


برج المصلى : قرب إسبانيول
برج المراقبة : مدخل الفدان الجديد

برج المراقبة عند مدخل ساحة الفدان الجديد بتطوان
برج المراقبة عند مدخل ساحة الفدان الجديد بتطوان


برج أغطاس : شارع الجزائر

 برج أغطاس بشارع الجزائر تطوان
برج أغطاس بشارع الجزائر تطوان


برج الركن : قرب باب النوادر

المنازل التطوانية

من أهم ما يميز مدينة تطوان العتيقة، جمالية و هندسة المنازل التطوانية ذي الطابع الأندلسي، إن غنى الثقافة الأندلسية جعل من المنازل التطوانية من أجمل المنازل الحضرية العربية حيث كان لها دور كبير في تصنيف المدينة ثراثا عالمية سنة 1997 .

ما يميز البيت التقليدي التطواني أنه عادة ما يبنى من طابقين ، مظهره الخارجي في غاية البساطة حيث أن الباب هو العنصر الوحيد الذي ينعش الواجهة الخارجية و يتشكل من زخارف معدنية شيدت بتصميمات هندسية و رموز تشير إلى المنشأ الجغرافي أو الحالة الاجتماعية للمالكين .
أما الجزء الداخلي للمنزل يتمتع بزخرفة ثرية و متنوعة ، حيث ان هناك ثلاثة عناصر تشكل المنزل الحضري التطواني و هي دهليز بكوع مقسم إلى اثنين أو ثلاثة أقسام مفصولة بباب، الأول مخصص لاستقبال الزوار ؛ وبلاط مركزي برواق أو بدون رواق وأحيانا حديقة ثم عدة غرف تطل عليها ، وفي المنازل القديمة (القرن السابع عشر) يطل هذا على رواق بأقواس يدعمها ركائز وأعمدة .

جولة ثقافية في مدينة تطوان العتيقة

جولة ثقافية ممتعة لمدينة تطوان العتيقة بتأطير الأستاذ عادل الدكداكي و الدكتور أمحمد بن عبود في زيارة لعدد من أحياء و معالم و منازل تطوانية بقلب التراث العالمي بمدينة تطوان العتيقة،

جولة ثقافية ممتعة لمدينة تطوان العتيقة
مقتبس : صفحة Tetouan Geo
المراجع : 
-كتاب مختصر تاريخ تطوان لمحمد داود ، الجزء الأول، صفحة 17 - 20.
  • إحسان

    إحسان

    01/01/2022

    شكرا على الإفادة.

اترك تعليقك
تعليق
اسم
بريد إلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.