fbpx
العلامة التهامي الوزاني

العلامة التهامي الوزاني

العلامة الصحفي المؤرخ الأديب الصحفي الأستاذ التهامي الوزاني الحسني، ولد بتطوان عام 1322ه – 1905 م، و نشأ يتيما، ترعاه أمه و جدته لوالده فاطمة علوشة، و قد أثرتا فيه و في أخيه محمد تأثيرا كبيرا، فنشأ المترجم متأثرا بأحاديثها و ذكرياتها عن أسرته الوزانية وملوك المغرب و رجاله و الأولياء و الصالحين، و قرأ القرآن و حفظه في مكتب الفقيه أحمد بن حمزة، الكائن بالمنشور ومكتب الفقيه أحمد الفتوح الكائن فوق مدخل السوقي الفوقي، وكان يساعد الفقيه الفتوح في مكتبه أحد كبار تلاميذه وهو الطالب محمد الكحاك، وقد خص هذا مترجمنا بمزيد من اعتناء لما رأى من ذكائه و فطنته، فوجهه لحفظ الأجرومية و المرشد المعين و ألفية ابن مالك وشيء من المختصر، ثم أخد يدرس معه الكتب المذكورة، فاستفاد من ذلك كثيرا، و وجد عنده في خزانته بعض كتب الأدب ككتاب “الروض الفائق في الوعظ”، و كتاب “التحفة المرْضية” وكتاب “المستطرف” و “ثمرات الأوراق” المطبوع بهامشه، فأكب على قرائتها.

وكانت سبيله للإستزادة من مطالعة كتب الأدب، ودفعه ذلك إلى أن يقتني لنفسه خزانة كتب يشتريها، ويدفع ثمنها أقساطا من مكتبة الحاج محمد بن عبد الهادي القادري، و انصرف بعد هذه الدراسة الأولية لتلقي العلم على كبار الشيوخ، فحضر مجالس الفقيه ابن الأبار في المنطق بكتاب السلم، و قرأ على الفقيه الرهوني الرسالة بمسجد العيون و قرأ في بعض الكتب عن الصوفية و كرامتهم و تذكر أحاديث جدته عن الأولياء و مقاماتهم، فدعاه ذلك إلى البحث عن الشيخ الذي يقوده إلى الكمال الروحي و يوجهه في مجال المعرفة بالله.

ودفعته ميوله هذه إلى الإلتحاق بالزاوية الحراقية واضعا نفسه رهن إشارة شيخها إدريس الحراق، وقد اعتزل بهذة الزاوية مدة وتأثر بجوها الروحي و الموسيقي تأثيرا كبيرا، ودون هذا كله في كتابه “الزاوية” الذي هو ترجمة ذاتية له وترجمة كذلك للزاوية الحراقية بتطوان و شيخها محمد الحراق.

و استهوت السياسة و الوطنية مترجمنا في العقد الثالث من عمره، فانضم بكل قواه للحركة الوطنية الناشئة بالشمال، و ساهم في نموها و تطورها، ووضع خططها، و كان من زعمائها و الناطقين باسمها، و جند قلمه و مواهبه للدفاع عنها و العمل على إيقاظ الشعب و تعليمه وتثقيفه، وبرع في مجال الكتابة، فكان يدبج المقالات الضافية، يحلل فيها واقع المغرب، أو ينتقد الإستعمار و أعوانه، أو يدعو إلى الإصلاح، و تنوعت الموضوعات التي كان يتطرق إليها، فكتب في السياسة و قضايا الفلسفة وشؤون الدين، وفي الفلسفة و الإنتاج السنمائي و التصوف و التربية، و استعمل مختلف الأنواع الأدبية في أعماله الإبداعية من مقالة و قصة واقعية وقصة أسطورية وسيرة ذاتية، و ترجم من الإسبانية إلى العربية، و استغل معرفته بتلك اللغة لتقويم الأبحاث التاريخية، و مقارنة ما كتب الأجانب بما كتب المغاربة في المجال التاريخي.

وهكذا نجد التهامي الوزاني الوزاني الشاب يساهم في تكوين جمعية الطالب المغربية التي كانت جمعية نشيطة في المجال الثقافي، وقدر له أن يصير رئيسا لها خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 1940 و 1945، و ساهم في تكوين حزب الإصلاح الوطني الذي كان يرأسه الأستاذ الطريس، وكان من أبرز أعضائه، و أسندت إليه فيه مهمة الوكيل ابتداء من عام 1936م، و أسس جريدة “الريف” لسان الحزب المذكور، و تولى تحريرها وكان يكتب مقالاتها الإفتتاحية و مقالات أخرى في موضوعات متنوعة.

ولقد أسندت لمترجمنا وظائف مختلفة على النحو الآتي:

  • عين عام 1935م مديرا للمعهد الوطني.
  • عين رئيسا للمدرسة الأهلية التي أنشأ بسبتة ضمن المدارس الحرة
  • عين مديرا لـ “معهد مولاي عبد السلام” الذي أنشأه بوادي لاو.
  • عين خليفة للمجلس الأعلى للتعليم الإسلامي بتطوان تحت رئاسة الفقيه العلامة أحمد الزواقي.
  • عين مديرا للمعهد الديني، ثم مديرا للمعهد الديني العالي.
  • عين عميدا لكلية أصول الدين بتطوان بعد الاستقلال و رئيسا للمجلس العلمي للمدينة.
  • عين أستاذا بدار الحديث الحسنية بالرباط ما بين عامي 1964 و 1965.
  • انتخب رئيسا للمجلس البلدي بتطوان عام 1972

ولقد ألف التهامي الوزاني كتبا جليلة، تدل على موسوعيته وقوة مداركه و حسن تفننه ولو جمعت مقالاته ورتبت لكانت مؤلفات قيمة غزيرة الفائدة لطلاب العلم، و هذه عناوين أهم مؤلفاته:

المؤلفات المطبوعة:

  • تاريخ المغرب : في ثلاثة أجزاء، اختصر في الجزئين الأولين كتاب الإستقصاء و أرخ في الجزء الأخير للفترة التي سبقت الحماية، و لعهدها إلى قيام الحركة الوطنية،و هو مهم جدا.
  • الزاوية: ترجم فيه لنفسه في بداية إمره عندما التحق بالزاوية الحراقية، وأرخ فيه لهذه الزاوية نقلا عن مشاهداتة ومسموعاته.
  • المغرب الجاهلي : أرخ فيه للمغرب وشمال إفريقيا قبل الاسلام.
  • سليل الثقلين : وهي قصة فلسفية بديعة.
  • فوق الصهوات : كتاب عن العائلة الوزانية ووضعها بالمغرب و علاقتها بملوكه، نشر في حلقات بجريدة “الريف”
  • الباقة النضرة : وهو مؤلف نشرت فصول منه بالجريدة المذكورة، دعا فيه إلى إعادة النظر في قضايا الثقافة و مزج الثقافة التقليدية بالثقافة العصرية و العلوم.
  • المقاومة المسلحة والحركة الوطنية في شمال المغرب، و هو مذكراته عن الحركة المذكورة، وقد نشره الأستاذ محمد ابن عزوز حكيم.

مقالات كثيرة في الأدب و السياسة و الإجتماع والدين والفلسفة و التصوف، نشرت في الجرائد الوطنية و المجلات الأدبية.

الأعمال المخطوطة :

  • الرفرف و هو تفسير القرآن، نشر المؤلف فصولا منه على صفحات جريدة “الريف”
  • كتاب النابغة المغوار دون كخيوطه دي لامانشا، تأليف ميكيل دي ثيرفانطيس سافيدا محاذاة التهامي بن عبدالله الوزاني “ترجمة عن الإسبانية”
  • السنابل الخضر : شرح على الصلاة المشيشية
  • دفاتر توجد محفوظة في المكتبة العامة بتطوان، وتضم هذه الأبحاث : التفسير في 4 دفاتر، تاريخ المغرب في 8 دفاتر، الوطنية المغربية في طورها الحاسم، الثورة الفرنسية، الرحلة الخاطفة في دفترين و تتحدث عن الرحلة إلى الشرق لأداء فريضة الحج، مذكرات عن مؤسسي الحركة الوطنية المغربية بالمغرب، الشمال المغربي القبلي، و ركان مذكرات عن قبيلة بني ورياغل …

درجته و مكانته :

كان العلامة التهامي الوزاني رجلا عالما عاملا، لا يريد أن يكون العلم نظريات فلسفية لا تجد طريقها للتطبيق، ولا يجب أن يكون التعليم بمعزل عن التربية، ولا يريد الحياة هادئة لا جهاد فيها ولا مجاهدة. و لهذا عاش عصره في صراع مع نفسه ومع المجتمع، لا يجد راحته إلا في الدعوة إلى إصلاح النفوس و تربيتها و تهذيبها و رسم مثل عليا لها، وقد هذبه التصوف، فكان متسامحا، متخلقا بأخلاق فاضلة، يبذل من ماله بسخاء، و يعطف على المساكين و الضعفاء، و يسعى لتأسيس المدارس، ويحب طلاب العلم، و يتساهل معهم ويكرمهم ويصفح عن زلاتهم، و يعاملهم كأخ لهم، وكان كاتبا أديبا من الطراز الأول، يجري قلمه بما يدور في خاطره من المعاني و التصورات و أنواع الخيال دون أن يعثر، و يتناول موضوعات مختلفة، فلا يقصر فيها ولا يعجز عن الإحاطة بها، وكان مع هذا كله زاهدا في الدنيا، قانعا بالرزق الذي كتب له، سالكا مسلك العفاف و الكفاف، مترفعا عن السؤال، يبدو عليه وقار العلماء و سمة الصالحين، و جمال الصديقين، و يقين العارفين.

وعندما توفاه الله إليه (1972م) أقامت رابطة علماء المغرب بتطوان مهرجانا لتأبينه، وجادت في ذلك المهرجان قرائح الكتاب و الشعراء بما يعرفون من فضل الفقيد و علمه، و منزلته.

بقلم : الدكتور إدريس خليفة
المراجع : الزاوية
اترك تعليقك
تعليق
اسم
بريد إلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.