الفنان التشكيلي عبد الكريم الوزاني
الظاهر أن عبور عبد الكريم الوزاني (1954) لباريس وبروكسيل لم يكن متصلا فقط بفضاءات أنوار، ومدارس فنية، ومتاحف ضاجة بالتعابير البصرية. وإنما كان اختراقا لزمن تحولات متسارعة في مجازات الفن المعاصر ومواد هو موضوعاته. هو القادم من أفق تشخيصي، ما لبث يتخفف من تأثيره شيئا فشيئ. قبل أن يصوغ اختيارا أسلوبيا شكل انزياحا واضحا عنالهوى الغالب على الرعيل الأول من فناني تطوان التشكيليين. هكذا تجلت كائنات الوزاني بوصفها مزيجا من الروح الطفولية والنزعة المرحة في الصوغ، أسلوب لم يكن سهلا أن يعثر على جمهور، وعلى مريدين. بيد أنه أضحى علامة على هوية بصرية مختلفة في النحت المغربي المعاصر.
يمزج عبد الكريم الوزاني بين الواقعي والمتخيل، فتسعى لديه القوة التعبيرية للخط الملون نحو جوهر الأشياء، وباتجاه الشعرية للمرئي المتحول، كي تمنحنا لعبة توازن بين المرح والتخيل والسرية. خليل المرابط (فنان و ناهد تشكيلي).
- ازداد بتطوان يوم 7 فبراير سنة 1954، بعد إنهاء دراسته الإبتدائية والثانوية بنجاح، التحق بمدرسة الفنون الجميلة بتطوان، وحصل على دبلومها سنة 1975، وعمره لا يتجاوز 21 عاما.
- في سنة 1975 رحل إلى فرنسا والتحق بالمدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة بباريس، عاصمة الأنوار، وقبلة الفنانين والمبدعين من مختلف دول العالم.
- بعد ثلاث سنوات من الدراسة (1978) حصل على الدبلوم الوطني للفنون الجميلة من باريس، بعد أن راكم تجارب فنية مهمة، أثرت في منظوره الفني، وأعادت تشكيل مساره، ومنحته الخصوصيات التشكيلية التي ينفرد بها الآن.
- عاد إلى تطوان سنة 1980، وقد تحرر من الألوان القائمة والموضوعات الجاهزة (الطبل، الإنسان، السلطة، الزرواطة، الأجواء الطلابية النضالية…)، وبدأ يعرض مع زمرة من زملائه الفنانين بساحة الفدان ما يراكمه من أعمال داخل مرسمه الواقع بزنقة الزاوية القريبة من باحة الفدان الشهيرة.
- بعد تعيينه أستاذا بمدرسة الفنون الجميلة بتطوان، جرى اختياره سنة 1995 ليتولى مهام عضو مراسل للأكاديمية الملكية للفنون الجميلة بغرناطة. وفي سنة 1998 أصبح مديرا للمعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان « مدرسة الفنون الجميلة سابقا » بعد المرحوم محمد السرغيني، ومازال يشغل هذا المنصب إلى الآن.
- كان أول معرض فردي له سنة 1978، نظم برواق المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان، وكان أول معرض جماعي يشارك فيه سنة 1976 بساحة الفدان.
- حظي بتقدير وتكريم من عدة جهات داخل المغرب وخارجه. فقد حصل سنة 1999 على وسام الجمهورية الفرنسية من درجة فارس . وتم تكريمه سنة 2001 في المهرجان الثقافي الثاني «خان مونت روزا للفنون» بدمشق . في سنة 2004 حصل على وسام المملكة البلجيكية من درجة فارس. وفي عام 2007 عين عضوا مراسلا لأكاديمية الفنون الجميلة بقادس.
- يزاوج بين الصباغة والنحت. يقول إنه أول من استخدم تقنية «الأكريليك» سنة 1975. وهو يشتغل أيضا على «الأكواريل»، و «الديزاين»، والنحت والإشهار والملصقات الفنية (بلغت ملصقاته أكثر من 50 ملصقا).
- يقول موضحا أسرار منحوتاته: «منحوتاتي ذات الإيقاعات الحلزونية البسيطة، مرسومة للأطفال الصغار والأطفال الكبار على السواء، كل إنسان يحوي في أعماقه طفلا يتوق للفطرة، يحن لطبيعته الأولى ..يشرئب.. يجري ..يقهقه ..يلاعب لعبته الأثيرة ..تسافر به إلى الفضاء ..إلى عالم عجائبي ..إنها الطفولة إذن، وهي من أقوى أعمدة الإبداع».
- في رأيه، أن الملونات الطبيعية، من قبيل حبات الشاي والزعفران، لم توجد إلا لتعطي نكهة خاصة للطعام، وليس لتلوين الأعمال الفنية. من هنا ندرك سر هاجس التعبير بالحركة اللولبية للحياة في أعماله، التي ولجت متاحف العالم، واحتضنتها المؤسسات الفنية المتنافسة على اقتناء تحفه الجميلة.
- «من لا يفكر في الشباب لا يهمه المستقبل». هكذا يردد الفنان المتألق عبد الكريم الوزاني، لذلك فهو لا يدخر جهدا في تشجيع طلبته بالمعهد الوطني للفنون الجميلة وحثهم على الاجتهاد والمثابرة. في حين يقابلون هم عطف مديرهم بخالص المحبة والتقدير.
اترك تعليقك